02 أكتوبر 2011

التحذير من السحر لفضيلة الشيخ / عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر حفظه الله

التحذير من السحر
لفضيلة الشيخ / عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
حفظه الله


اعلم ـ رحمك الله ـ أن أثمن شيءٍ وأغلى ما تملكه هو دينك.
من كلِّ شيء إذا ضيّعتَه عوضٌ
وما مِنَ الله إن ضيعتَ من عِوض
كلُّ شيء يضيعه الإنسان له عوض عنه إلا دينه فإنَّ الدِّين إذا ضاع, ضاع معه كل شيء وخسر العبد دنياه وأخراه.
وفي خضم جهل كثير من الناس بالدين و مكانته العظيمة و منزلته العلية وآثاره على العبد المؤمن في الدنيا والآخرة استهانوا بأمر دينهم وباعوه بأرخص الأثمان في فتن متلاحقة وعواصف جارفة وصواد كثيرة مؤثّرة جرفت كثيراً من الناس وخلخلت أديانهم وأضعفت إيمانهم.
وإنّ من الأمور الخطيرة التي كثرت في هذه الأزمان ووجدت بين الناس رواجاً بسبب ضعف الدّين وقلّة الإيمان تسلّط السحرة وأهل السحر والعياذ بالله على الناس من خلال مجالات كثيرة وقنوات عديدة وسبل متعددة استغلوا ضعف الناس في دينهم واستغلوا أيضا ما يوجد في بعض الناس من حسد أو هلع، وما يوجد كذلك في آخرين من رقة في الدين و ضعف في الإيمان و جهل بالعقيدة و استغلوا أيضا
وجود قنوات اتصال كثيرة سهلت التواصل ويسّرت الاتصال فأصبح الساحر الذي يعيش في أوغال بعيدة وفي ديار نائية يتواصل مع كثير من الناس تواصلاً سريعاً من خلال الهواتف و الجوالات ومن خلال القنوات الفضائية ومن خلال الشبكة العنكبوتية بطرق ماكرة وسبل خفية ودهاء مستمر مما يدعو جميع المؤمنين إلى عودة صادقة وحفظ و محافظة على دين الله تبارك وتعالى من أن يضيع على أيدي هؤلاء الآثمين ومن أن يذهب على أيدي هؤلاء المجرمين.
وهؤلاء المجرمون يستغلون الجهل بالدين و الحاجة في كثير من الناس وجود بعض البلايا و الأمراض و يدّعون أن عندهم حلاً و مخرجاً و من هنا يتسلطون على كثير من الناس.
نعم عندهم حلٌّ و مخرج! و لكنه حلّ لعرى الإيمان و خروجٌ من الدِّين، وإذا كان الساحر في نفسه حكم عليه ربُّ العالمين بأنه لا يفلح أينما توجه و ذهب و سار: { وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ } [يونس77] فكيف يطلب من جهته فلاحاً أو يرجى من جهته حلاً ومخرجاً؟!.
إنّ السحر و تعاطيه كفرٌ بالله تبارك و تعالى ومروق من دين الله تبارك وتعالى وخروج من الدين ولا يكون الساحر إلا كافراً مشركا بالله جلّ وعلا نابذاً للقرآن متبعاً للشياطين: { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ } [البقرة102].
فالسّحر كفرٌ بالله عزّ و جلّ، و من تعلَّم السِّحر و تعاطاه كفر بالله ، ومن ذهب إلى الساحر يرجو بغيته و مُناه فإنه بذلك يحل عرى إيمانه و يخرج رويداً رويداً من دينه.
فالواجب على عباد الله المؤمنين أن يحذروا هذه الموبقة العظيمة و الرزية الجسيمة وأن يجتنبوها غاية الاجتناب و قد قال نبينا المصطفى صلى الله عليه و سلم: ((اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ)). قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا هُنَّ؟ قَال: ((الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ...)) ثم ذكر بقية الأمور السبعة [متفق عليه].
فذكر عليه الصلاة و السلام السحر في أوّل الموبقات و صدَّرها بعد الشرك بالله الذي هو أظلم الظلم و أجرم الجرم.
أيليق بمسلم ـ بعد هذا ـ أن يبيع دينه بسبب مرض ألم به أو مصيبة حلّت ونزلت به؟ أجهل أنّ الحل و المخرج في كلّ مشكلة نزلت وكلّ بليّة حلّت هو الرجوع إلى الله تبارك و تعالى؟.
ولعلّ بعض الناس يستروح لنفسه و يتوهم أن في الذهاب للسحرة من أجل حل سحر عن مسحور أو إخراجه من مأزق وقع فيه بسبب السحر أن ذلك لا بأس به ولا يتنافى مع الإسلام، وهذا مفهوم خاطئ و قول غالط ففي المسند للأمام أحمد أن النبي صلى الله عليه و سلم سُئل عن النشرة و هي حل السحر عن المسحور فقال: ((هي من عمل الشيطان)) قال ذلك عليه الصلاة و السلام  محذّراً أمّة الإسلام من تعاطي السحر لأيّ غرض من الأغراض و لأيّ مجال من المجالات و لو كان لأجل حَلِّ سحرٍ عن مسحور.
بل الواجب في كلِّ ملمّة و مصيبة سحر أو غيره أن يكون الرجوع إلى الله عزّ وجل فزعاً إليه ورجوعاً إليه وتوكلاً عليه سبحانه { وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [آل عمران101] ، وكان نبيُّنا عليه الصلاة و السلام يقول: ((لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ )). مع عناية بكتابه العظيم وتلاوة آياته و توجّهٍ إليه تبارك وتعالى بالدّعاء مع صدق لَجَأ و تمام إخلاص، والله جلّ وعلا يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [البقرة186].
إنّ الحلَّ في كلِّ مشكلة و المخرج في كلِّ مصيبة أن نعود إلى ديننا عودة  صادقة يقول عليه الصلاة و السلام: ((فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بَعْدِى اخْتِلاَفاً كَثِيراً فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)).
نسأل الله عزّ و جلّ أن يعيذنا أجمعين من الشيطان الرجيم و من كيد السحرة المجرمين و أن يهدينا إليه صراطا مستقيما.
وصلّى الله وسلّم و بارك و أنعم على عبد الله و رسوله نبينا محمد و آله و صحبه أجمعين.
-----------------------
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق