26 نوفمبر 2011

فائدة: في صرف الهدى والإيمان وتسلط الأعداء على العباد

------------- 
فائدة
في صرف الهدى والإيمان، وتسلط الأعداء على العباد
------------- 
يقول الإمام بن القيم رحمه الله:

وتأمل حكمة الله تعالى في صرفه الهدى والايمان عن قلوب الذين يصرفون الناس عنه فصدهم عنه كما صدوا عباده صداً بصد ومنعاً بمنع، وتأمل حكمته تعالى في محق أموال المرابين وتسليط المتلفات عليها كما فعلوا بأموال الناس ومحقوها عليهم واتلفوها بالربا جوزوا إتلافا باتلاف فقل أن ترى مرابياً إلا وآخرته إلى محق وقلة وحاجة.
 وتأمل حكمته تعالى في تسليط العدو على العباد إذا جار قويهم على ضعيفهم ولم يؤخذ للمظلوم حقه من ظالمه كيف يُسلط عليهم من يفعل بهم كفعلهم برعاياهم وضعفائهم سواء وهذه سنة الله تعالى منذ قامت الدنيا الى ان تطوى الارض ويعيدها كما بدأها، وتأمل حكمته تعالى في أن جعل ملوك العباد وأمراءهم وولاتهم من جنس أعمالهم بل كأن أعمالهم ظهرت في صور ولاتهم وملوكهم فإن استقاموا استقامت ملوكهم وإن عدلوا عدلت عليهم وإن جاروا جارت ملوكهم وولاتهم وإن ظهر فيهم المكر والخديعة فولاتهم كذلك وإن منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بها منعت ملوكهم وولاتهم ما لهم عندهم من الحق ونحلوا بها عليهم وإن أخذوا ممن يستضعفونه مالا يستحقونه في معاملتهم أخذت منهم الملوك مالا يستحقونه وضربت عليهم المكوس والوظائف وكلما يستخرجونه من الضعيف يستخرجه الملوك منهم بالقوة فعمالهم ظهرت في صور أعمالهم.
 وليس في الحكمة الالهية أن يُولى على الأشرار الفجار إلا من يكون من جنسهم - ولما كان الصدر الأول خيار القرون وأبرها كانت ولاتهم كذلك فلما شابوا شابت لهم الولاة فحكمة الله تأبى أن يولي علينا في مثل هذه الازمان مثل معاوية وعمر بن عبدالعزيز فضلاً عن مثل أبي بكر وعمر بل ولاتنا على قدرنا وولاة من قبلنا على قدرهم.
-------------

مفتاح دار السعادة 
للإمام ابن القيم رحمه الله
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق