الثلاثاء 21 يناير 2025 م - 21 رجب 1446 ه   10:28:48 صباحا

24 سبتمبر 2013

المبتدع ذليل حقير لإفترائه على الله ومخالفته أمر رسوله صلى الله عليه وسلم

 
المبتدع ذليل حقير لإفترائه على الله ومخالفته أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال الحافظ بن رجب الحنبلي رحمه الله:
قوله صلى الله عليه وسلم : " وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري " :
هذا يدل على أن العز والرفعة في الدنيا والآخرة بمتابعة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لامتثال متابعة أمر الله ، قال تعالى : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } وقال تعالى : { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } وقال تعالى : { من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً } .
وفي بعض الآثار يقول الله تعالى : " أنا العزيز فمن أراد العز فليطع العزيز " . قال الله تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } ، فالذلة والصغار يحصل بمخالفة أمر الله ورسوله . ومخالفة الرسول على قسمين :
( أحدهما ) مخالفة من لا يعتقد طاعة أمره كمخالفة الكفار ، وأهل الكتاب الذين لا يرون طاعة الرسول ، فهم تحت الذلة والصغار ، ولهذا أمر الله بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، وعلى اليهود الذلة والمسكنة لأن كفرهم بالرسول كفر عناد .
( والثاني ) من اعتقد طاعته ثم يخالف أمره بالمعاصي التي يعتقد أنها معصية فله نصيب من الذلة والصغار ، وقال الحسن : إنهم وإن طقطقت بهم البغال ، وهملجت بهم البراذين فإن ذل المعصية في رقابهم ، أبى الله أن يذل إلا من عصاه ، كان الإمام أحمد يدعو : اللهم أعزنا بالطاعة ولا تذلنا بالمعصية .
وقال أبو العتاهية :
ألا إنما التقوى هي العز والكرم * وحبك للدنيا هو الـــذل والسقم
وليس على عبد تقي نقيصــة * إذا حقق التقوى وإن حاك أو حجم
فأهل هذا النوع خالفوا الرسول من أجل داعي الشهوات .

( والنوع الثاني ) من خالف أمره من أجل الشبهات وهم أهل الأهواء والبدع ، فكلهم لهم نصيب من الذلة والصغار بحسب مخالفتهم لأوامره ، قال تعالى : { إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين } .
وأهل الأهواء والبدع كلهم مفترون على الله ، وبدعتهم تتغلظ بحسب كثرة افترائهم عليه ، وقد جعل الله من حرم ما أحله الله وحلل ما حرمه الله مفتريا عليه الكذب ، فمن قال على الله ما لا يعلم فقد افترى عليه الكذب ، ومن نسب إليه ما لا يجوز نسبته إليه من تمثيل أو تعطيل ، أو كذب بأقداره فقد افترى على الله الكذب .
وقد قال الله عز وجل { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } . وقال سفيان : الفتنة أن يطبع الله على قلوبهم .
فلهذا تغلظت عقوبة المبتدع على عقوبة العاصي لأن المبتدع مفتر على الله مخالف لأمر رسوله لأجل هواه.

الحِكَم الجَدِيرة بالإذاعة
من قول النبي
(( بُعِثْتُ بالسيف بين يدي الساعة ))
للحافظ بن رجب الحنبلي رحمه الله

-------------------------------

وأما أن المبتدع يلقى عليه الذل في الدنيا والغضب من الله تعالى : فلقوله تعالى : "إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين" حسبما جاء في تفسير الآية عن بعض السلف وقد تقدم . ووجهه ظاهر لأن المتخذين للعجل إنما ضلوا به حتى عبدوه ، لما سمعوا من خواره ، ولما ألقى إليهم السامري فيه ، فكان في حقهم شبهة خرجوا بها عن الحق الذي كان في أيديهم . قال الله تعالى : "وكذلك نجزي المفترين" فهو عموم فيهم وفيمن أشبههم ، من حيث كانت البدع كلها افتراء على الله حسبما أخبر في كتابه في قوله تعالى : "قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله" .
فإذاً كل من ابتدع في دين الله فهو ذليل حقير بسبب بدعته وإن ظهر لبادي الرأي عزه وجبريته فهم في أنفسهم أذلاء ، وأيضاً فإن الذلة الحاضرة بين أيدينا موجودة في غالب الأحوال . ألا ترى أحوال المبتدعة في زمان التابعين ، وفيما بعد ذلك ؟ حتى تلبسوا بالسلاطين ولاذوا بأهل الدنيا ، ومن لم يقدر على ذلك استخفى ببدعته وهرب بها عن مخالطة الجمهور ، وعمل بأعمالها على التقية .

الإِعتصَام للشاطبي رحمه الله
-------------------------------


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق